الثلاثاء، 20 أكتوبر 2020

أسعفونا وأنقذونا...


أسعفونا وأنقذونا...

هنا صرخة ممرض قد أنهكه العمل، وضاق صدره بما يرى ويسمع... 

ًأستصرخكم ألماً ، فما نقاسيه يومياً أرهقنا، كم رأينا نفوسا تُزهق، وأمهات تُثكل، وأطفالاً تيتموا. 

كفاكم استهتاراً، فالمصيبة أكبر من أن توصف، والفيروس يكشر عن أنيابه هنا وهناك ونكاد نستشعر حَر أنفاسه في كل مكان!

غزا العالم أجمع ولم يضع اعتبارا لدولة عظمى ولم يشفق على صغرى، وترك العلماء في حيرة تامة شبه عاجزين عن احتوائه، والحد ولو قليلاً من بلائه!

فأرجوكم كل الرجاء أن ترحموا ضعفنا، كفاكم تجمعات، وحفلات، وسهرات، كفاكم استهتاراً..

لا أذكر متى كانت آخر مرة رأيت فيها أمي، أو جلست بجانب أختي أسامرها، خوفاً عليهم مني، وكذلك الحال مع الأغلبية منا. 

كم يتعبني ذلك الموقف الذي أحمل به خبر وفاة أحدهم، و ينزف قلبي ألماً و أنا أرى دموعهم تستحيل لفرط الألم دماً...

وكم هي المرات التي يتوسل فيها الأهل بأن أدس الهاتف بعيدا عن والدتهم، لكيلا يصلها وفاة شريك حياتها متأثراً بالكوفيد....

ولا أنسى تلك المرة وأنا أسمع نحيب رجل قد بلغ من العمر عتياً، و هو يشير إلى شاشة هاتفه ويلوم ابنه الشاب على استهتاره ونقله الفيروس له...

فأي ذنب اقترفه،  وهو يرقد طريح الفراش، ولا يقوى على الكلام، وحياته اعتمدت على ذاك الأكسجين الذي يدب في جسده، و بدونه فهو هالك‼️


وماذا عن تلك الممرضة أو الطبيبة التي عزلت نفسها عن الجميع حرصاً ، وحُرمت من الاستمتاع بملذات الحياة، ولم تقوَ على زيارة أرحامها. 

ومن ثم يغزو الفيروس جسدها باستهتار أحدكم ويرديها طريحة الفراش في العناية المركزة... 

أليست هي الأخرى تمنت ورغبت في ممارسة حياتها بشكل طبيعي مثلك بالضبط، ولكن وظيفتها أجبرتها أن تقف هناك لترعاك وترعى غيرك، 


ولكن إلى هنا رجااااء ... يكفي!

عندما قالوا عيشوا وتعايشوا مع الفيروس، لم يقصدوا أن الفيروس انقضى ولكم حرية التجول والتفسح. 

وإنما القصد حافظوا على أنفسكم وكونوا أكثر حرصا على مجتمعكم، وأوقفوا نقل الفيروس، فبكم ومعكم نستطيع أن نقف بالمرصاد له، فهو لا يرحم، وليس به قلب ليعطف على كبير أو صغير، هو أشبه ما يكون بإعصار  يجتاح كل ما يصادفه في طريقه، ولا يترك خلفه إلا دماراً.... 

وأختم قولي بتذكيركم بأنكم " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"، فالله الله في أهاليكم وفي كل من يعز عليكم... 

وما هي إلا فترة اختبار وامتحان للجميع، ووجب علينا تذكر ما حولنا من نعم و شكر الله عليها.... 

فجميعنا نتمنى أن تعود الحياة لسابق عهدها، ولن تعود إلا بتكاتف الجميع...

 دعوتُك يا الله أن ترفع البلاء والوباء عنا وعن بلاد المسلمين.... 

و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين...


📝سرد جليلة النعمانية

🎤نقلا ً عن تجربة نادية الشبيبية ( مسؤولة قسم الكوفيد) بالمستشفى 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق